نام کتاب : روح البيان نویسنده : إسماعيل حقي جلد : 8 صفحه : 429
الامانة التي هى ضد الخيانة وهى فى الحقيقة صفة صاحب المكان لكن وصف به المكان بطريق الاستعارة التخييلية كأن المكان المخيف يحزن صاحبه وناز له بما يلقى فيه من المكاره او كناية لان الوصف إذا أثبت فى مكان الرجل فقد أثبت له لقولهم المجد بين ثوبيه والكرم بين برديه كما فى بحر العلوم وفى الآية اشارة الى ان من اتقى بالله عما سواه يكون مقامه مقام الوحدة آمنا من خوف الاثنينية والى ان من كان فى الدنيا على خوف العذاب ووجل الفراق كان فى الآخرة على أمن وأمان وقال بعضهم المقام الامين مجالسة الأنبياء والأولياء والصديقين والشهداء يقول الفقير اما مجالستهم يوم الحشر فظاهرة لان فيها الامن من الوقوع فى العذاب إذ هم شفعاء عند الله واما مجالستهم فى الدنيا فلان فيها الامن من الشقاوة إذ لا يشقى بهم جليسهم وفى الآية اشارة اخرى لائحة للبال وهى ان المقام الامين هو مقام القلب وهى جنة الوصلة ومن دخله كان آمنا من شر الوسواس الخناس لانه لا يدخل الكعبة التي هى اشارة الى مقام الذات كما لا يقدر على الوسوسة حال السجدة التي هى اشارة الى الفناء فى الذات الاحدية قال أهل السنة كل من اتقى الشرك صدق عليه انه متق فيدخل الفساق فى هذا الوعد يقول الفقير الظاهر ان المطلق مصروف على الكامل بقرينة ان المقام مقام الامتنان والكامل هو المؤمن المطيع كما أشرنا اليه فى عنوان الآية نعم يدخل العصاة فيه انتهاء وتبعية لا ابتداء وأصالة كما يدل عليه الوعيد الوارد فى حقهم والا لاستوى المطيع والعاصي وقد قال تعالى أم نجعل المتقين كالفجار عفا الله عنا وعنكم أجمعين (قال الشيخ السعدي)
كسى را كه با خواجه تست جنك ... بدستش چرا مى دهى چوب وسنك
مع آخر كه باشد كه خوانش نهند ... بفرماى تا استخوانش نهند
ي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ
بدل من مقام جيىء به دلالة على نزاهته واشتماله على طيبات المآكل والمشارب والمراد بالعيون الأنهار الجارية والتنكير فيهما للتعظيم يَلْبَسُونَ مِنْ سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ خبر ثان وإستبرق بقطع الهمزة وقرأ الخليل بوصلها قال فى كشف الاسرار السندس مارق من الحرير يجرى مجرى الشعار لهم وهو اللين من الدثار فى المعتاد والإستبرق ما غلظ منه وصفق نسجه يجرى مجرى الدثار وهو ارفع نوع من انواع الحرير والحرير نوعان نوع كلما كان ارق كان انفس ونوع كلما كان أرزن بكثرة الإبريسم كان أنفس يقول الفقير يحتمل عندى ان يكون السندس لباس المقربين والإستبرق لباس الأبرار يدل عليه ان شراب المقربين هو التسنيم الخالص وشراب الأبرار هو الرحيق الممزوج به وذلك ان المقربين اهل الذات والأبرار أهل الصفات فكما أن الذات ارق من الصفات فكذا لباس اهل الذات وشرابهم أرق وأصفى من لباس اهل الصفات وشرابهم ثم ان الإستبرق من كلام العجم عرب بالقاف قال فى القاموس الإستبرق الديباج الغليظ معرب استروه وتصغيره أبيرق وستبر بالتاء والطاء بمعنى الغليظ بالفارسية قال الجواليقي فى المعربات نقل الإستبرق من العجمية الى العربية فلو حقر او كسر لكان فى التحقير أبيرق وبالتكسير أباريق بحذف السين والتاء جميعا انتهى والتعريب جعل العجمي بحيث يوافق اللفظ العربي بتغييره عن منهاجه واجرائه على أوجه الاعراب وجاز وقوع اللفظ العجمي فى القرآن العربي لانه إذا عرب خرج من ان يكون عجميا إذا
نام کتاب : روح البيان نویسنده : إسماعيل حقي جلد : 8 صفحه : 429